الرفاه النفسي والتكنولوجيا في زمن الكورونا

تقاطع التقنية ورفاهنا النفسي من الأشياء الفيصلية في حيواتنا، وخاصة في أوقات الأزمات. وذلك لما تمثله التقنية من محفز لعدة مشاعر وأفكار وحالات، قد يكون بعضها سلبياً. وذلك يؤدي لأن تكون الماكينة هي المتحكم في أفكارنا وأفكارنا في مشاعرنا وحالتنا الجسدية. ولذلك فربما تكون جائحة الكورونا الحالية دافعاً منطقيا لمثل هذا المقال، ولكننا نأمل لأن تكون مذكراً بالاستخدام الواعِ للتقنية لحفظ سلامنا النفسي والعقلي على الدوام

يحرمنا القلق المباشر والغير مباشر من وتيرتنا في بعض الأفعال اللازمة للبقاء، مثل النوم، الأكل، التبول، ضربات القلب إلخ. وهذا طبيعي وله تفسيرات نفسية وبدنية وعصبية متعلقة بالوضع في حالة التأهب والاستعداد على المدى الطويل Chronic Threat، وعلاقة ذلك بالجهاز العصبي والعمليات الحيوية، ومع طول التعرض لذلك قد تؤثر سلبا على بعض الوظائف البدنية، مثل ضربات القلب، والجهاز الهضمي، والعصبي

في خضم ذلك لنتذكر أن بعضنا ت/يعيش تلك الحالة على الدوام – جائحة كانت أم لم تكن- فنحن من مجتمع الميم.ع في السودان ومصر وبلدان مشابهة. نحن في جائحة مستمرة تسمى" المجتمع وعلاقته بنا!”

من هذا المنظور لنتذكر أن محاور الاعتناء بالنفس ٥ (كما في الصورة المصاحبة)؛ واجبنا تجاه أنفسنا هي الموازنة بينهما قد الإمكان، وسيساعدكمن هذا المقال في ذلك وعلاقته بالتقنية:

bitmap.png
networking.png

الجسد

لنبدأ إذا بالجانب الفيزيائي اللازم للمعيشة: بملاحظة ذلك بشرب المياه وتجنب استهلاك الكافايين والكحول بشكل زائد. مع تناول الأطعمة الصحية قدر الامكان.

كذلك فإن عمل بعض النشاطات، مثل ممارسة الرياضة المنزلية، الرسم، التأمل، الرقص، الموسيقى، الغناء، الاهتمام بإنجاز أعمالنا الوظيفية، التواصل مع الدوائر الآمنة ومشاركة المهام، لعب الجيمز لوقت محدد، قضاء الوقت مع أطفال أو حيوانات أليفة. لتكون تواصلاتنا واعية بحالتنا النفسية وحالة من نتحدث معهمن.

وتوفر لنا التكنولوجيا منصات آمنة نتحدث فيها براحتنا دون أن يتم مراقبة الاتصال (وهو ما يحدث على واتساب، ومسنجر)؛ مثل: meet.jit.si , jitsi.riot.im ولهمن تطبيقات على الموبايل، وعلى متصفح "كروم"

no-tech.png

الميديا

ضعوا وقتا محددا للتعرض للميديا (الوسائط الاعلامية)؛ بما في ذلك السوشيال ميديا، الأخبار المحلية والعالمية.

دعونا نجرب سويا التالي: حددوا ساعة في اليوم، ستغلقون فيها الهاتف، والإخباريات، الحديث عن الأمراض والأوبئة، وأي تقنية أخرى. ساعة من نحن في السبعينيات، ماذا ستفعلن اليوم؟

لا تناموا بجوار هواتفكمن، فلنكن صرحاء أن أغلبنا ربما سيستيقظ في غياب الليل لتفقد الحال، نحن لا نريد ذلك، الخبر يمكن أن ينتظر للصباح، ولكن عقلك وجسدك يحتاجان للراحة -حتى في وقت الأرق.

وبالحديث عن النوم والساعة اليومية، قد تودون فعل الإثنين سويا، فلا نستخدم الهاتف قبل موعد النوم بساعة، وربما لنشاهد أمراً مضحكاً ومريحاً للأعصاب قبل تلك الساعة، بساعة أخرى.

إنسوا فكرة ان تقوم بعدة مهام في ذات الوقت (أو الMultitasking )لوهلة. واعطوا كل عملية حقها خاصة الأكل والشرب والتفكر والنوم. تلك العمليات التي تساعد أجسادنا وعقولنا. فاﻷخبار ستأتي وتذهب ولكن أجسادنا معنا للدهر.

Journaling.png

كيف نشعر وفيما نفكر؟

كذلك واظبوا على كتابة ملاحظاتكمن اليومية بانتظام، ربما في أول اليوم وآخره (وإذا كنتمن لا تتمتعن بالخصوصية في المنزل، أو تخافمن من فضول الأشخاص المحيطين حاليا أو بعد ذلك، فإليكمن بعض الحلول:

إستخدموا كلمة سر لملفات الWord التي تكتبون فيها يومياتكمن

ممكن أيضاً كتابتها ورقياً وتصويرها وإخفائها باستخدام veracrypt؛ ثم التخلص من الورق

من الممكن أيضاً – إذا كان هاتفكمن يوفر ذلك من الإعدادات – أن تقوموا بغلق تطبيق الكتابة على الموبايل مثل جوجل كيب Google Keep بكلمة سر، أو نمط.

psychology.png

المرض والفزع المصاحب

الإصابة بفيروس كورونا المستجد أو أي مرض آخر ليست سبة. ونحن أعلم بهذا الأمر وبالوصم الموقع، والذى يوقعه بعضنا على بعض. ولكن لنؤكد نشر معلومات غير دقيقة عن إصابة شخص أمر غير أخلاقي في العموم. ويسبب الضرر النفسي والمجتمعي في وقت حرج.

لذا رجاءاً التأكد من الشخص بشكل صريح، وأخذ موافقتها/ه على التصريح باﻹصابة من عدمها، واحترام رأيها/ه حال لم يرغبن/وا في إذاعة ذلك.

إذا كنتمن تعانيمن -بصرف النظر عن الجائحة- من اضطراب القلق، البوردرلاين (أو اضطراب الشخصية الحدية)، أو الاضطراب ثنائي القطبين (الباي بولار)، الاكتئاب،أو اضطراب ما بعد الصدمة PTSD ...إلخ فمن المتوقع والطبيعي أن تعلو وتيرة الأعراض وحدتها. إذا حدث هذا أو إذا وددتمن الوقاية والاستعداد كونوا على تواصل مع معالكمن/طبيبكمن النفسي بانتظام.

من المتوقع أيضاً أن يكون هناك فيض من المعلومات غير الصحيحة وغير الدقيقة، ناتجة عن الفزع. ولكن هناك منافذ أساسية للمعلومات الموثقة بشأن المرض والممارسات الصحية والخاطئة والصحة النفسية المتعلقة، منها

www.cdc.gov

www.who.int

الصفحة الرسمية لوزارة

الصحة المصرية

الحل التقني لتلقي الأخبار الموثقة وفي الوقت المناسب لنا: ممكن أن نحفظهم على المتصفح الخاص بنا، أو جعل أخبارهمن تصلنا أول نشرها على السيوشيال ميديا، عن طريق خاصية: See First (أو أرني أولا) الموجودة بأي صفحة فيسبوك، ولا تصدقوا أي كلام يتم نشره، ولا تقوموا بمشاركة محتوى أنتمن غير متأكديت من مصدره.

Meditation.png

التأمل والعودة للواقع

لا يمكننا أن نكون مسترخيين في نفس اللحظة التي نشعر فيها بالقلق. وكذلك فإن كنت "تدفعين" نفسك للشعور باسترخاء، فهذا ضغط أكبر، وليس تأملا أو شعوراً بالاسترخاء.

البديل أننا قد نود الجلوس والاستماع لما نشعر به، سواء نفسيا أو جسديا. كما نستمع إلي كل مايود عقلنا أن يقوله من الأفكار. قد تودون فعل ذلك كتابيا، أو سرده فكريا. بعملنا ذلك فنحن قد بدأنا بالفعل ما يسمى بالتفكر.

لنكمل ذلك بتذكير أنفسنا بالتنفس جيداً، ثم بأين نحن جالسين وما تستقبله حواسنا الخمس من حولنا اﻵن (من ألوان، روائح، ملامس، طعوم، وأصوات). قد نود بعدها أيضا تذكير أنفسنا بأن هناك أموراً نستطيع السيطرة عليها، وأموراً لن نستطيع السيطرة عليها، وهذا مقبول. وأن ما يمكن فعله تجاه مالانستطيع السيطرة عليه هو التفكر في أفعالنا ورؤيتنا له.

بتلك الأفكار/الاستراتيجيات نعيد أنفسنا للواقع بشكل موضوعي، يتمتع باحترام مشاعرنا وأفكارنا، وعدم التسرع في أخذ أفعال مبنية على القلق.

هناك أيضاً ما يسمى بالتأمل السلبي وهو سلبي (ليس كشىء سىئ) ولكن لأننا لا نقوم بفعلاً إيجابيا وواعيا لمواجهة وضحد القلق والتحرك منه إلى حالة الاسترخاء، بل نسلم أنفسنا للموسيقى فقط (أو لصوت المياه أو الرياح) لتقوم بارخائنا، من دون التعامل والمواجهة الواعية مع مسببات وأعراض القلق. وهذا ينفع في بعض الحالات، تماما كالتعامل الواعي الذي ذكرناه باختصار في النقطة السابقة.

يوجد تطبيقات للمساعدة على التأمل والتفكر: من أبرزها Headspace على جوجل ستور و آب ستور

porn.png

المتعة الذاتية والبورن

تم حجب المواقع الإثارة في بعض الدول مثل مصر، وصاحب هذا إرتفاعاً في نسبة زيارة مواقع تتيح الإثارة (اﻹباحية) مجانا، خاصة في فترة آخر ٥ أيام في شهر مارس ٢٠٢٠ (حسب تقرير موقع بورن هاب). إذاً ماذا نحن بفاعلين:

أولاً للخصوصية:

تأكدوا من الدخول لتعديلات المتصفح، و"إيقاف حفظ تاريخ الزيارة والتصفح"

فايرفوكس: Preferences> Privacy and Security > History> Clear History when firefox closes.

كروم:

Settings> Privacy and Security > Clear Browsing Data: إختاروا كل الصناديق في Basic ثم All Time، ثم Clear Data

ثانياً تخطي الحجب:

لتخطي حجب تلك المواقع- وأي مواقع أخرى- ننصح باستخدام Psiphon (ويندوز وماك، وأندرويد وآي فون والمتصفحات) وهو يقوم بعمل تغيير لمسار اتصالاتكمن حتى تظهرن كإنكمن في بلد آخر، وبالتالي خارج نطاق الحجب المحلي.

أخيراً وليس آخراً إذا أردتمن عمل جنس أونلاين مع شركائكمن أو غرباء، إستخدمن منصة meet.jit.si أو Jitsi.riot.im فهي آمنة ومشفرة

أخيراً وليس آخراً، تلك العزلة الفردية هي فرصة؛ فرصة لوضع الحدود مع الذات واﻵخر، فرصة للتواصل غير العنيف مع الذات واﻵخر، واﻷهم فرصة لتعلم تلك الاستراتيجيات تجاه النفس والتقنية لتظل معنا طوال الحياه.


المراجع

قراءات إضافية