بيان مؤسسة مساحات حول حادثة اورلاندو

 

  بيان مؤسسة مساحات حول حادثة اورلاندو

في يوم الأحد الموافق 12 يونيو 2016 سادت موجة من الحزن و الغضب العارم مدينة اورلاندو بولاية فلوريدا الأمريكية بسبب جريمة بشعة غير إنسانية , حيث قام مسلح أميركي من أصول أفغانية مسلم الديانة يدعى "عمر متين" بقتل 50 شخصاً و إصابة 53 آخرين في نادي ليلي للمثليين ، و تعد حادثة إطلاق النار هذه الأسوأ و الأعنف في التاريخ الأميركي المعاصر.

إننا في مؤسسة مساحات للتعددية الجنسية و الجندرية إذ ندين هذه الجريمة و نرسل التعازي لأهل و أحباء الضحايا و لكل الأقليات الجنسية و الجندرية في جميع أنحاء العالم لا يفوتنا أن نرفع أصواتنا بأهمية النضال المتواصل , و التضامن من أجل حقوق المثليين /ات و ثنائي/ات الميل الجنسي و متغيري/ات النوع الاجتماعي في جميع أنحاء العالم و نؤكد أن هذه الجريمة هي جريمة كراهية أساسها الميول و التوجهات الجنسية للضحايا مع عدم إغفال الجوانب الأخرى المحيطة بسياق الحادث مثل إنتشار حوادث العنف في أمريكا بسبب سهولة الحصول على السلاح بموجب القانون و الإضطهاد و التمييز ضد الأقليات العرقية في أمريكا....الخ.

إن مساحات كمؤسسة تعمل من أجل الأقليات الجنسية و الجندرية في منطقة وادي النيل ( مصر و السودان) من خلال إستخدام مقاربة الأمان الشامل و المتكامل و التي تشمل بالضرورة العمل على مسألة الأمان النفسي و الرفاه الوجداني و الروحي لأفراد المجتمع الكويري فأننا نري في الدين كأحد مكونات الهوية للكثيرين/ات من أفراد مجتمعنا كما هو أيضا أحد أسباب الصراعات النفسية للكثير منهم بسبب التصورات و الخطاب التقليدي للدين عموما و الدين الإسلامي على وجه الخصوص في مجتمعاتنا و التي بالضرورة تري أنه لا يمكن للإنسان أن يكون متدينا في العموم و مثليا ناهيك عن كونه مسلما و هي نفس التصورات و التي تري في ما قام به عمر متين من إزهاق للأرواح هو عمل بطولي يستحق عليه الثناء الدنيوي و التقدير الآخروي غض النظر إذا كان مصدرها الدين الاسلامي أو أي دين آخر.أننا في مساحات ننأي بأنفسنا في سياقنا المحلي عن الإنزلاق في مأزق ثنائية تبني الخطاب المعادي للإسلام بإعتباره الممثل الرسمي للقمع باسم الإله و بمباركة إلهية مقدسة أو تبني الخطاب المدافع عن ذات الإسلام بإعتباره دين للتسامح و المحبة و عوضا عن ذلك نري في جميع القضايا تقاطعاتها المختلفة سواء الدينية أو الإقتصادية أو الإجتماعية أو الثقافية أو السياسية..

أننا نفهم أن العنصرية تجاه المسلمين واقع في كثير من مناطق العالم مثل أميركا وأوروبا , و أن النضال ضد رهاب الإسلام و المسلمين هو نضال مشروع في هذا السياق مثله مثل نضالنا ضد رهاب المثلية و التحول الجنسي أو أي انتهاكات إجتماعية , إقتصادية أو سياسية أخرى تتقاطع كلها مع بعضها البعض لتصب في الآخر في أهمية النضال من أجل العدالة و الكرامة الإنسانية في أي مكان في العالم, و مع قولنا هذا لا نغفل أهمية عدم الإنزلاق أيضا وراء خطابات النعرات العنصرية و التي تعلي من هويتنا و إنتماءنا -حتي و لو من باب الجغرافية أو الثقافة أو السياق التاريخي- إلى أمة الإسلام و تجبرنا بالتالي على الاعتذار المبطن بالخجل من هذا الإنتماء فقط لكون أن هوية القاتل الذي قام بتنفيذ هذه الجريمة تتقاطع بشكل ما أو بأخر بإنتماءات بعضنا الدينية . إننا نطلب من كل الكويريين /ات المسلمين/ات في سياقنا المحلي الذين يودون التصالح مع تدينهم/ن و هوياتهم/ن و ميولهم/ن الجنسية أن يتبنوا خطاب الإسلام التقدمي الذي يحتفي بالتنوع و الإختلاف و ينتقد تصورات الإسلاميين التقليدية بما فيها تصوراتهم عن حرمة المثلية الجنسية و نطالب الكويريين/ات الذين إختاروا إخراج الدين من المعادلة أن يكتفوا بشجب هذه الحادثة في ضوء تداعياتها كحادثة للعنف و الكراهية ضد أفراد من هذه العائلة الكويرية الكبيرة دون الإنزلاق في خطاب كراهية معادي للإسلام و المسلمين..

إن هذه الحادثة و بالرغم من كونها كارثة إنسانية في المقام الأول إلا أنها بينت مدي الشيزوفرينيا السياسية التي يعاني منها خطاب حكوماتنا راعية الخطاب الديني التقليدي في المنطقة, إذ سارعت كلا من مصر، السعوديّة، قطر، الإمارات، البحرين، والكويت جميعها لإدانة جريمة أورلاندو و سمتها إرهاباً وبرأت الإسلام منها و هي ذات الحكومات التي لا تنأي عن إعتقال المثليين و تعذيبهم و الزج بهم في السجون و إعدامهم في بعض الحالات و لكنها تري أن الديبلوماسية و لعبة المصالح تفرض عليها غض البصر عن كون هذه الحادثة مرتبطة إرتباطا وثيقا بالعنف و إضطهاد الأقليات الجنسية و الجندرية في العالم كله.

إننا نري أن في هذه الشيزوفرينا السياسية مساحة للضغط و الدفع بأجنداتنا النضالية المحلية إلى ساحة النضال العالمي و التي قد يكون على قائمة أولوياتها في الوقت الراهن المطالبة بأهمية أن يكون هناك تعيين لخبير مستقل بالأمم المتحدة لجذب مزيد من الإهتمام لإنتهاكات حقوق الإنسان على أساس الميول الجنسية والهوية  الجندرية في جميع أنحاء العالم..

 

معا ضد العنف....معا ضد جرائم الكراهية ...معا ضد رهاب المثلية و التحول الجنسي !

 

فريق مساحات

 19-يونيو 2016

 

Media Mesahat