نشرة شهر سبتمبر 2025
في هذا العدد من نشرة مساحات :
١. الجنائية تصدر حكمها بحق "كوشيب" في أكتوبر 2025.
٢. القبض على "طارق ميشو" راقص شاطئ النخيل بالإسكندرية أثناء أدائه وصلة رقص.
٣. أطفال الفاشر معرضون لحصار مستمر منذ أكثر من 500 يوم من قبل قوات الدعم السريع، مما يقوض فرص حصولهم على الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية.
٤. ضبط طبيب "مزيف" يدير مركزاً للعلاج بمصر.
٥. لجنة تقصي الحقائق: الجيش والدعم السريع متورطان مجددًا في جرائم حرب.
٦. بعد اتهامها بممارسة الدعارة والفجور، الحبس سنة لشابة عابرة چندريًا، وكفالة قدرها 3 آلاف جنيه لوقف تنفيذ الحكم.
٧. السيسي يصدر عفواً عن سجناء بينهم علاء عبد الفتاح.
الجنائية تصدر حكمها بحق "كوشيب" في أكتوبر 2025
أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنها ستصدر حكمها بحق القائد السابق للمليشيا في السودان، علي كوشيب، في 6 أكتوبر 2025، بعد ثلاث سنوات من بدء محاكمته في لاهاي. يواجه كوشيب 31 تهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تشمل القتل، الاغتصاب، والنهب في إقليم دارفور بين عامي 2003 و2004، وهي الفترة التي شهدت واحدة من أكثر مراحل النزاع السوداني دموية.
قضية كوشيب تُعدّ من أبرز ملفات المحكمة الجنائية الدولية المرتبطة بالنزاع في دارفور، والتي بدأت بتحقيقات أحالها مجلس الأمن الدولي في عام 2005 بموجب القرار 1593، لتصبح أول إحالة من نوعها للمحكمة. منذ ذلك الحين، أصدرت المحكمة مذكرات توقيف بحق عدد من المسؤولين السودانيين، من بينهم عمر البشير، أحمد هارون، وعبد الرحيم محمد حسين، في اتهامات تتعلق بجرائم ضد الإنسانية.رغم مرور عقدين على تلك الأحداث، ما زال ملف العدالة في دارفور معقدًا ومحاطًا بالتجاذبات السياسية، حيث يعتبره كثير من السودانيين اختبارًا لمصداقية المجتمع الدولي في مواجهة الإفلات من العقاب. في المقابل، تُتهم المحكمة بتسييس العدالة وانتقائية ملاحقاتها، خصوصًا أن الإحالة جاءت من مجلس الأمن، الذي تهيمن عليه القوى الكبرى صاحبة مصالح متشابكة في السودان والمنطقة.
من المقرر أن تُعلن المحكمة حكمها علنًا في جلسة تُبث مباشرة عبر موقعها الرسمي، وسط ترقب محلي ودولي. ووفق نظام روما الأساسي، يمكن أن يُدان كوشيب أو يُبرّأ، مع إمكانية استئناف القرار.إلا أن هذه الخطوة تأتي في وقت حساس، حيث لا تزال الأوضاع في دارفور تتدهور من جديد، مع تقارير عن انتهاكات متجددة وعمليات تهجير على أساس عرقي. المدعي العام للمحكمة، كريم خان، أعلن مطلع 2024 عن نيته توسيع نطاق التحقيقات وإصدار أوامر اعتقال جديدة تتعلق بجرائم في غرب دارفور، قبل أن يطلق في يونيو حملة لجمع الأدلة من مناطق النزاع، بما في ذلك مدينة الفاشر.من الناحية السياسية، يُنظر إلى هذا التطور كجزء من محاولة لإحياء مسار العدالة الدولية في ظل غياب العدالة الوطنية داخل السودان، لكن أيضًا كأداة ضغط غربية ضمن سياق أوسع من إعادة تشكيل العلاقات مع السودان بعد الحرب. فبينما يطالب الضحايا بالمحاسبة، يخشى البعض أن تتحول القضية إلى ورقة تفاوض دولية تُستخدم لتوجيه المشهد السياسي في السودان أكثر من خدمة العدالة نفسها.
القبض على "طارق ميشو" راقص شاطئ النخيل بالإسكندرية أثناء أدائه وصلة رقص
ألقت السلطات المصرية القبض على الشاب المعروف باسم "طارق ميشو" في مدينة الإسكندرية بعد انتشار مقطع فيديو له وهو يرقص على أحد الشواطئ العامة. وعلى الرغم من أن الواقعة بدت بسيطة وغير ضارة في ظاهرها، فإن تدخل الأجهزة الأمنية تحت ذريعة "مخالفة الآداب العامة" يعكس استخدام الدولة لأدواتها الأمنية في ضبط السلوك الاجتماعي وتقييد الفضاء العام.
يأتي هذا الحادث في سياق أوسع من الرقابة الأخلاقية والاجتماعية التي تمارسها السلطة على الأفراد، خصوصًا الشباب، حيث يُستدعى خطاب "الآداب العامة" و"القيم المجتمعية" لتبرير تقييد حرية التعبير والحركة في الفضاء العام. مثل هذه الحالات لا تُفهم بمعزل عن سياسات الانضباط الاجتماعي التي تستخدمها الدولة لترسيخ تصور واحد لما هو "مقبول" أو "لائق"، بما يعيد إنتاج خطاب محافظ يجرّم الاختلاف ويطوّع المجتمع ليتماشى مع معايير السلطة الأخلاقية.
تحوّل حادث القبض على "ميشو" إلى قضية رأي عام أثارت جدلاً واسعًا بين من استنكر تدخل الأمن في فعل فردي بسيط، ومن رأى في الرقص خرقًا للتقاليد. إلا أن ما يلفت الانتباه هو كيف تكشف ردود الفعل الشعبية عن تطبيع الخطاب الأمني والأخلاقي داخل المجتمع ذاته، حيث يتماهى جزء من الرأي العام مع منطق الدولة في معاقبة المختلفين. بذلك، تتجاوز الواقعة حدودها الفردية لتصبح دليلًا على تضييق الحريات الفردية واستمرار تآكل المساحات الآمنة للتعبير، في ظل دولة تفرض وصايتها على الجسد والذوق والسلوك اليومي باسم "النظام والفضيلة".
أطفال الفاشر معرضون لحصار مستمر منذ أكثر من 500 يوم من قبل قوات الدعم السريع، مما يقوض فرص حصولهم على الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية
شهدت مدينة الفاشر في شمال دارفور هجومًا مروّعًا استهدف مسجد حي الدرجة، أسفر عن مقتل 11 طفلًا وعشرات المدنيين. الجريمة التي هزّت الرأي العام المحلي والدولي جاءت ضمن سلسلة متصاعدة من الاعتداءات على المدنيين في المدينة المحاصرة منذ أكثر من 500 يوم، في ظل غياب أي حماية فعلية من المنظومة الدولية التي اكتفت ببيانات تنديد نمطية تتحدث عن “الصدمة” و”اللا مقبولية”.
ما يجري في الفاشر لا يمكن التعامل معه كحادث منفصل، بل هو امتداد لسياسة ممنهجة تتبناها قوات الدعم السريع في استهداف المدنيين، وتحديدًا الفئات الأضعف — النساء، الأطفال، والمسنين — عبر الحصار والتجويع والحرمان من الماء والدواء. هذه الممارسات ليست مجرد خروقات عشوائية، بل أدوات حرب متعمدة تهدف إلى كسر المجتمعات المحلية وتجريدها من قدرتها على الصمود.
في المقابل، تكشف ردود الفعل الدولية الباهتة عن صمت سياسي بنيوي يتعامل مع المأساة كملف إنساني لا كجريمة حرب تستدعي المساءلة. هذا الصمت، الذي يختبئ خلف لغة “القلق الإنساني”، يساهم عمليًا في شرعنة استمرار الجرائم ويُبقي على معاناة المدنيين ضمن حدود “الاحتمال الدولي”.
ما لم تُقابل هذه الجرائم بسياسة محاسبة واضحة وإرادة سياسية حقيقية، فإن الفاشر ستظل نموذجًا لانهيار الضمير الدولي أمام منطق القوة العسكرية. المطلوب ليس مزيدًا من بيانات الشفقة، بل اعتراف صريح بأن استهداف المساجد، والمستشفيات، ومصادر المياه هو نهج حرب منظّم يهدف إلى تفريغ المدينة من سكانها.
بوصفنا تنظيمًا كويريًا نسويًا، نرى أن ما يحدث في الفاشر يكشف جوهر العنف الذكوري والعسكري البنيوي الذي يمارس على الأجساد الهشّة والمهمّشة — الأجساد التي تُمحى أولًا في أزمنة الحرب. من هنا، يصبح الموقف المطلوب ليس إنسانيًا فحسب، بل سياسيًا وأخلاقيًا جذريًا يواجه البنية التي تنتج هذا العنف، لا مجرد نتائجه المرئية.
ضبط طبيب "مزيف" يدير مركزاً للعلاج بمصر
أعلنت نقابة العلاج الطبيعي في مصر عن القبض على فني هندسة ميكانيكية بتهمة انتحال صفة طبيب علاج طبيعي، في إطار ما تصفه النقابة بحملات مكافحة "المزورين والدخلاء" على المهنة. الحادثة التي لاقت تغطية إعلامية واسعة استُخدمت لتأكيد يقظة النقابة وحرصها على حماية المجال المهني، إلا أنها في جوهرها تكشف هشاشة النظام الصحي وتداخل أزماته البنيوية.
تأتي الواقعة في ظل تدهور الثقة العامة بالمؤسسات الصحية الرسمية، واتساع الفجوة بين احتياجات المواطنين وقدرة النظام على تلبيتها. فبينما تُحمّل النقابة المسؤولية لـ"الدخلاء"، يغيب عن الخطاب العام الحديث عن فشل الدولة في تنظيم القطاع الصحي وضمان الوصول العادل إلى الخدمات الطبية. إن الإصرار على تصوير الأزمة كمشكلة "أفراد" يتجاوزون القوانين، يُستخدم لتبرئة السياسات العامة من مسؤوليتها عن خلق بيئة تسمح بتفشي هذه الظواهر. فضعف الرقابة، وغياب الشفافية، وإخضاع الرعاية الصحية لمنطق السوق والربح، كلها عوامل تجعل من المواطن الحلقة الأضعف أمام استغلال ممنهج يقدَّم في ثوب الأخطاء الفردية.
ورغم أن النقابة تعلن عن إغلاق مئات المراكز غير المرخصة وتتباهى بجهودها في "تنظيف المهنة"، إلا أن تكرار الحوادث يكشف أن المشكلة أعمق من حملات شكلية. إنها أزمة نظام صحي مختل يُدار بعقلية أمنية وإجرائية بدلًا من رؤية وقائية ومهنية. التركيز على ضبط "المزورين" يخفي غياب إصلاح جذري في بنية التنظيم الطبي، حيث تتكدس الأزمات في ظل اقتصاد صحي قائم على الامتياز الطبقي، وغياب رقابة مؤسسية فعالة. في النهاية، تبدو الحملة محاولة لتلميع الصورة أكثر من كونها مواجهة حقيقية لجوهر الخلل — خلل يُعيد إنتاجه النظام نفسه الذي يدّعي مكافحته.
لجنة تقصي الحقائق: الجيش والدعم السريع متورطان مجددًا في جرائم حرب
المستشفى السعودي
كشف أحدث تقرير لبعثة تقصّي الحقائق المستقلة بشأن السودان أن ما يجري في البلاد يتجاوز توصيف “الانتهاكات المتفرقة”، ليشكّل حربًا ممنهجة قائمة على سياسات إبادة وعنف بنيوي. التقرير، الذي استند إلى شهادات ووثائق ميدانية، يحمّل كلًّا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع مسؤولية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تشمل القتل خارج القانون، التعذيب، التهجير القسري، استهداف المدنيين والبنية التحتية، واستخدام التجويع كسلاح حرب ضد مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين، خصوصًا في مدينة الفاشر.
يُظهر التقرير أن خطاب الشرعية الذي يتبناه الجيش السوداني لتبرير عملياته العسكرية فقد مصداقيته تمامًا أمام توثيق الجرائم المشتركة بين طرفي الحرب. فالجيش الذي يدّعي حماية الوطن متورط في سياسات قمع ممنهجة، بينما تمارس قوات الدعم السريع عنفًا واسع النطاق قائمًا على الاستعباد الجنسي والاضطهاد العرقي كسلاح للهيمنة والسيطرة.
هذا التواطؤ بين السلطتين العسكرية والميليشياوية يعيد إنتاج البنية ذاتها التي فجّرت الحرب: نظام أبوي – عسكري – عنصري يتعامل مع أجساد النساء والمهمشين كساحات للانتقام السياسي والاجتماعي. وبذلك، لا تُختزل الجرائم في سلوك أفراد، بل في منظومة سلطة تشرعن الإبادة عبر مؤسساتها وخطابها السياسي والديني والإعلامي.
في مواجهة هذه الحقائق، تواصل الحكومة محاولاتها لاحتواء الموقف عبر لجان تحقيق وطنية شكلية تركز على إدانة الدعم السريع وحده، في تجاهل متعمّد لجرائم الجيش، ما يعكس سعيًا لإعادة إنتاج الإفلات من العقاب وإخفاء التواطؤ المؤسسي.
إن العدالة، كما يشير التقرير، لا يمكن أن تتحقق ضمن هياكل الدولة الحالية، بل تتطلب تمديد ولاية بعثة تقصّي الحقائق الدولية وتوسيع صلاحياتها لضمان مساءلة شاملة تشمل جميع الأطراف.
هذه المساءلة يجب أن تُبنى على شهادات الناجين والناجيات بوصفها محورًا لأي عملية سياسية أو قضائية مستقبلية، ترفض المقايضة بين السلام والعدالة. فالمطلوب ليس فقط إيقاف الحرب، بل تفكيك بنيتها العنفية والأبوية التي جعلت من السودان ساحة لتجريب أقصى أشكال الإبادة، وإعادة تعريف مستقبل البلاد من منظور الكرامة، الجسد، والحق في الحياة.
بعد اتهامها بممارسة الدعارة والفجور، الحبس سنة لشابة عابرة جندريًا، وكفالة قدرها 3 آلاف جنيه لوقف تنفيذ الحكم
صدر حكم قضائي في مصر يقضي بحبس شابة عابرة جندريًا وعدد من الأشخاص الآخرين بتهمة “الفجور والدعارة”، في قضية أعادت إلى الواجهة استخدام القانون كأداة للوصم والسيطرة الأخلاقية. الاتهامات الموجهة، التي صيغت وفق قوانين الآداب العامة الفضفاضة، لم تستند إلى أي أفعال جرمية واضحة بقدر ما استندت إلى هوية المتهمة الجندرية وتعبيرها غير المعياري.
هذه القضية ليست استثناءً، بل امتداد لسلسلة من المحاكمات التي تُسخّر فيها المنظومة القانونية والأمنية لتكريس القمع الممنهج ضد الأجساد والميول والهويات الخارجة عن المعيار السائد. فالقوانين التي تجرّم “الفجور” و”الدعارة” تُستخدم كغطاء لإضفاء شرعية قانونية على التمييز الجندري والجنسي، وتعيد إنتاج خطاب الدولة الأخلاقي الذي يربط “النظام العام” بالامتثال للذكورة المهيمنة.
اللافت في هذه القضية أيضًا هو الخلط المتعمد بين المخالفات الإدارية والتجريم الأخلاقي، حيث أُرفقت الاتهامات بإدارة مركز صحي غير مرخص لتبرير الملاحقة القانونية. هذه الاستراتيجية تكشف عن منطق سلطوي يسعى إلى إلباس القضايا الحقوقية ثوبًا قانونيًا زائفًا، بحيث تُقدَّم الممارسات القمعية كإجراءات ضبط وتنظيم لا كاضطهاد منظم.
الحكم الصادر بحق الشابة العابرة جندريًا يؤكد أن الدولة لا تزال توظف القضاء والأجهزة الأمنية كأدوات للسيطرة على الجسد والمجال العام، في وقت يفترض فيه أن تكون العدالة وسيلة لحماية الحقوق الفردية وضمان الكرامة الإنسانية.
بهذا، لا يمثل الحكم مجرد واقعة قانونية، بل جزءًا من مشروع سياسي أوسع لإعادة إنتاج الهيمنة الأبوية، وضبط الحدود بين “المقبول” و”المحظور” في التعبير الجندري والجنسي.
في المقابل، تُظهر هذه القضية هشاشة الحماية القانونية للأشخاص العابرين جندريًا، وضرورة إعادة النظر في التشريعات التي تُجرّم الاختلاف وتشرعن العنف الممنهج ضد الفئات المهمشة. فغياب المساواة أمام القانون لا يُضعف فقط من ثقة الأفراد في العدالة، بل يرسخ واقعًا يُدار فيه المجتمع بمنطق الوصاية الأخلاقية لا بمنطق الحقوق.
السيسي يصدر عفواً عن سجناء بينهم علاء عبد الفتاح
أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرارًا بالعفو عن الناشط المصري البريطاني علاء عبد الفتاح وعدد من السجناء الآخرين، بعد مناشدة من المجلس القومي لحقوق الإنسان. القرار شمل أسماء بارزة في المشهد الحقوقي والسياسي، وجاء بعد سنوات من مطالبات داخلية وخارجية بالإفراج عن المعتقلين على خلفيات سياسية، خاصة في ظل تدهور أوضاع السجون وموجة الانتقادات الحقوقية الدولية الموجهة لمصر.
علاء عبد الفتاح كان قد حُكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهم تتعلق بـ"الانضمام إلى جماعة غير قانونية" و"نشر أخبار كاذبة"، بعد أكثر من عامين من الاحتجاز السابق للمحاكمة. وعلى الرغم من أن المجلس القومي لحقوق الإنسان قدّم الإفراج في إطار “إنساني” يهدف إلى دعم الاستقرار النفسي والاجتماعي للأسر، فإن السياق السياسي الأوسع يُظهر أن القرار يأتي ضمن إدارة الدولة لصورتها أمام المجتمع الدولي، وليس كجزء من مراجعة حقيقية للسياسات القمعية أو إصلاح منظومة العدالة.
فالإفراجات الرئاسية المتكررة عادة ما تتزامن مع محطات سياسية أو دبلوماسية حساسة، مثل المؤتمرات الدولية أو زيارات رسمية، ما يجعلها رسائل رمزية تُستخدم لتخفيف الضغط الخارجي وتلميع صورة الدولة كمنفتحة على الحوار وحقوق الإنسان، دون المساس بالبنية السلطوية التي تسمح باستمرار الاعتقال السياسي.
رغم الترحيب الشعبي والدولي بالإفراج عن علاء عبد الفتاح، فإن القرار لا يُعد تطورًا مؤسسيًا في مسار العدالة أو الحريات، بل استمرارًا في سياسة “الإفراج الانتقائي” التي تمنح السلطة هامشًا للتحكم في المشهد الحقوقي.
فالعفو الرئاسي لا يلغي الطابع السياسي للقضية، ولا يغيّر من واقع وجود المئات من النشطاء والصحفيين خلف القضبان بنفس التهم الفضفاضة. بذلك، يصبح العفو إجراءً رمزيًا يعيد إنتاج منطق السيطرة، حيث تبقى حرية الأفراد رهنًا بإرادة السلطة التنفيذية، لا حكم القانون أو ضمانات العدالة.
إن معالجة جذور الأزمة الحقوقية في مصر تتطلب إصلاحًا قانونيًا حقيقيًا يشمل إلغاء القوانين التي تُجرّم التعبير والمعارضة، لا الاكتفاء بخطوات شكلية تخدم العلاقات العامة السياسية للدولة.