كويريّة، سودانيّة؟

كبرت وأنا حاسة إني بشبه عادي الناس الحواليني، وكبرت أكتر وحسّيت بالإختلاف.. لكن ما كان عندي كلام أو مساحة أفهم بيها الاختلاف دا. المجتمع حوالينا برسم خط واحد للحياة "الطبيعية"، والزايد أو الناقص منو بيتحسب غريب، أو حتى مرفوض. ككويرية سودانية، الإحساس دا اتضاعف، لأني شايلة هويتين: هوية مرتبطة بجذوري وثقافتي، وهوية تانية مرتبطة بقلبي وميولي، ودي ما بتتطابق مع توقعات الناس أو المجتمع ككل.

غير تساؤلاتي بسبب هويتي، في محاولاتي إني أكون إنسانة ناجحة و مفيدة لنفسها والحولاينها.. سنين طويلة حاولت ألبس أقنعة وأمشي مع التيار. أقول الحاجات المفروض تتقال، وأتصرف زي ما متوقعين مني، و لسة بعمل كدا. لكن جواي مخنوقة وخايفة، عايشة حياتين: حياة للناس يشوفوها، وحياة تانية فيها أنا نفس الشخص، بس ميوله مختلفة. التعب دا خلاني أفهم إنو التصالح مع نفسي ما رفاهية، دا ضرورة عشان أقدر أواصل.

رحلتي مع تقبّل نفسي ما سهلة. مليانة خوف وشكوك وأسئلة: "لو عرفوا أهلي حيحصل شنو؟ لو عرفوا صحباتي حيقولوا شنو؟ لازم أعرّس وأظهر (طبيعية) قدّام الناس؟ أها وبعد كدا؟" وسط دا كلو، في صوت جواي بذكّرني إني بستاهل أعيش حقيقتي، أستاهل أُحَب زي ما أنا، وأستاهل أكون كاملة من غير ما أتجزأ.

ضغط المجتمع ظاهر في كل التفاصيل: في الكلام اليومي، في النصائح البتجي بدون طلب، في العيون البتفترض إنها عارفة الصح ليك. ومع دا كلو، تعلّمت إنو حريتي الحقيقية بتبدأ من جواي. لما أقبل نفسي، كلام الناس ما بكون عندو نفس القوة علي. أو اتمنى يكون ما عندو نفس القوّة.

التقبّل ما معناتو الطريق بقى ساهل أو آمن، لكن بيديني قدرة أقيف وأتنفس عميق وأواصل. ككويرية سودانية، وجودي ذاته فعل مقاومة، وحُبي لنفسي إعلان إني بستاهل حياة كاملة.

Media Mesahat