عزيز

 
aziz crossed arms.png

أخدت 6 سنين إني أبقى شخص قابل ناس مختلفة، مش أساعدهم أو أناصر قضيتهم، بس مجرد أتقبَّلهم. الشغل في المجال الحقوقي مع قضايا النساء والعنف ضد النساء خلاني أراجع نفسي وقناعاتي واخد مواقف إيجابية أكتر.ِ

من 2010، كان أول احتكاك ليَّ مع فكرة الأقليات الجنسية لما بدأت أدخل مجال حقوق الإنسان، كان عندي موقف تقليدي جداً ناحية المجتمع الكويري.. أنا مكنتش عارف مكوناته أوي، كنت عارف بس المثليين لأنهم كانوا الطيف الأكثر ظهوراً، وقضاياهم كانت الأكثر ظهوراً. كنت متبني خطاب تقليدي، مش معادي بس مش مناصر، اللي هو مكنتش شايف إن دي قضايا ليها أولوية أصلاً للطرح سواءً اجتماعياً أو حقوقياً.

مع الوقت بدأت أغير أفكاري... في 2017 بدأت أهتم بقضايا التمييز في المطلق واشوف الناس بتميّز ضد بعض على اساس إيه، فده قرّبني لقضايا الميم؛ بدأت أشوف إنهم بيتعرّضوا لطيف واسع من الانتهاكات، حتى لو في الوقت ده مكنتش شخص ممكن أشتغل على القضية، بس بقيت متعاطف.

لحد 2018، من سنتين وشوية كده، حد طلب مني إني أيسَّر ورشة حاضر فيها مجموعة من العابرات/ين، وده كان جديد عليَّ، مكنتش أعرف أي حاجة عن الموضوع، أعرف بس حاجة اسمها عمليات تغيير الجنس واحتكاكي بيها كان من خلال الأعمال السينمائية، بس معرفش أكتر من كده.  قبل ما أوافق على إدارة الفاعلية بدأت أقرأ عن العبور الجنسي تحديداً، من هنا بدأت أشوف كل الأطياف اللي من جوة المجتمع الكويري اللي مكنتش أعرفهم، وبدأت أعرف إن القضية أكبر بكتير من طيف المثليين بس، وإن التمييز اللي بيتعرض ليه الميم متعدّد ومتشعب؛ ومن هنا بدأت أعتبر نفسي مناصر للقضية، واتخلّصت من أي شك إن دي مش أولوية.. تخلّيت عن فكرة الأولويّات أصلاً. كانت النقلة بعد كده إني بدأت أكوِّن علاقات من المجتمع ده، من كل الأطياف، سواءً من خلال الورشة اللي جابت بعدها أكتر من ورشة، أو من ناس في دايرة أصدقائي لما شافوا مواقفي بتتغيّر فخرجوا من الخزانة ليَّ. وبعدها بدأت أعتبر نفسي مناصر لقضايا الميم في مصر، مش باشتغل عليه بشكل مباشر، بس بحاول أراعيه في شغلي.

أصحابي علموني حاجات كتير، يعني زمان لما حد كان بيقول كلمة شواذ غير دلوقتي، بقيت باحتاج أقف عندها ونتناقش ونتكلم. كمان بدأت أكتب على فيس بوك باستخدام لغة مناسبة من وجهة نظر أصحابي... مش بس كده، أنا بانتج أبحاث ودراسات بتتكلم عن الانتهاكات في العموم وباقدّم محتوى تدريبي حوالين القوانين المحلية والقوانين الدولية، فباحاول أبقى باستخدم لغة صديقة لمجتمع الميم في كل ده.

بنيت معرفتي عن قضايا التعدديات من خلال القراية عن طريق ترشيحات أصدقائي من المجتمع الكويري، ومن خلال المصادر العربية اللي بدأت تبقى موجودة، زي مدونة ترانسات و المؤسسة العربية للحريات ((AFE MENA. أفتكر لما بدأت أستخدم فيس بوك من 13 أو 14 سنة ماكنش فيه تواجد للمجتمع الكويري عليه؛ دلوقتي بقى موجود. فبقيت مهتم أتابع الصفحات دي واشوف شغلهم وأتداخل معاهم، وأبدي رأيي فى المواقف اللي بتصدر من المنظمات المصرية، وأتابع صفحاتها زي مساحات وبداية.

معنديش تحديات مع نفسي لكوني شخص مناصر للقضية في المرحلة دي، بس قبل كده كانت موجودة في صورة الأفكار التقليدية المزروعة جوايا، خصوصاً الدينية؛ حتى لو أنا شخص مش متدين، بس الدين جزء أصيل من ثقافتي زي أي حد عايش في مصر، حتى لو كان ملحد. بس واجهت تحديات على مستوى المجتمع بسبب ثقافة العنف وعدم قبول الآخر، والخوف غير المبرّر من الاختلاف عند الناس اللى بيعتقدوا إن التعبير عن التأييد ده تبشير بالمثلية والعبور الجنسي، وإن ده هيوصل لعيالهم. منظومة القوة نفسها جوة المجتمع بتقول إن فيه صفات معينة للفئة المسيطرة في المجتمع، الرجالة السنية بيض البشرة، بيخلّي الناس مش قادرة تقبل أي صورة مختلفة عن ده.

كمان فكرة الأولويات، اللي باعتبرها ضلالة كبيرة على مستوى الحركة الحقوقية، مرتبطة بإن جزء من الحركة الحقوقية بيشوف إن فيه قايمة مهام لازم نشتغل عليها بالترتيب، والعناصر المهمة هي الخناقات السياسية زي الانتخابات وخلافه... طب حقوق الستات؟ لا لا مش وقته.. الأقليات؟ لا مش وقته.. مع إن ممكن مايبقاش عندهم مشاكل مع القضية، بس بيشوفوها مش وقتها وتشتيت للجهود، بس باعتبر ده بُوصلة بتبيّن الشخص منتمي لفكر حقوق الإنسان ولا جاي لحاجة تانية.

في مجتمع الميم نفسه بقى، باشوف إن بعض التصرفات من الأشخاص غير مسؤولة، فممكن تضرّ بالقضية. كمان باحسّ إن فيه نبرة استعلائية، إن ممكن أتكلم مع حد جوة المجتمع عن قضايا العابرين مثلاً، فألاقي لا لا دي قضيتنا إحنا؛ إن أحياناً مفيش قبول جوة المجتمع سواءً بينه وبين بعضه، أو مع الأفراد من براه.

الإنسانية بتتغلب على نزعات التمييز والعنف اللي عند الناس، فلو شخص مناصر للقضية ميتحرجش إنه يعمل ده بشكل مباشر؛ حتى لو ده خسَّره ناس من دواير شغله أو الدواير اللي بينشط فيها، هيكسِّبه ناس أكثر اتساقاً مع أفكاره وقيمه.


قصص أكتر

Mesahat Foundation