حنان

Mom CU copy.png

هو ممكن يفضل كده طول عمره؟ ودة كان معناه بالنسبالي وقتها وعلى قد فهمي إنه احتمال يبقى ابن ليل!! طيب لو هيتعالج العلاج هياخد وقت قد إيه؟ طيب إيه اللي المفروض أعمله عشان أساعده؟... أول مرة ابني كلمني ماكنتش فاهمة أي حاجة عن الموضوع خالص، كنت مرعوبة ومش مستوعبة حجم المشكلة، وكانت فيه أسئلة كتير بتتردد على بالي...

بعدين حسيت بألمه وحزنه، ومع الوقت ابتديت أحس بيه أكتر. كنت حزينة على حزنه ومتألمة على ألمه. كنت بابكي ليل نهار، حتى في الشغل زمايلي لاحظوا ده. والموضوع كان صعب علينا كلنا، ده غير المشاكل اللي دخلنا فيها، تفاصيل كتير لا مجال لذكرها؛ كان دايمًا مش سعيد. ابتديت أدخل على النت وأقرا، صحيح مش كل المعلومات كانت صح بل معظمها غلط، لكن عرفت عن الموضوع أكتر وبقيت متألمة وتعبانة بعدها، مش رافضاه، بس كنت متضررة علشانه. ابتديت أسمعه لما بقى يكلمني عن حاجات أول مرة أسمع عنها، رغم إني كنت رافضة في الأول. مع الوقت اكتشفت إن ده ملهوش علاقة بسوء تربية أو سوء سلوك، أنا عارفة ابني ومربياه كويس، وفي الآخر فهمت ولما فهمت قدرت أشوفه على حقيقته، وساعتها قدرت أشوف قد إيه ابني جميل وقد إيه أنا باحبه.

تعبت كتير وحزنت كتير وكنت باحاول أحتويه، وباباه نفس الحكاية وإخواته بردو، لكن مش كلنا كنا عادي مع فكرة إن فيه حد في الأسرة مثلي! خصوصًا أخوه الكبير. عانيت كتير بسبب خلافاتهم وخناقاتهم، ماكنتش حابة أبدًا أشوف النزاعات دي بين ولادي الاتنين اللي أنا مربياهم وباحبهم. المشاكل الأسرية صعبة ومعقّدة جدًا، مش سهل تفهم حياتي والمعاناة اللي مريت بيها مع ابني من مجرد كلام. وكمان علاقتي غير الناضجة مع الله كانت عائق، كنت فاكرة إنه مش بيقبل ابني بميوله، وإنه طول الوقت بيعمل حاجة غلط، لأنها جزء منه وكأنه اتوجد عشان يكون غلطان.

بعد وقت تخطينا ده كلنا، الله اتدخل في حياتنا وشوفنا حاجات وفهمنا أمور ماكناش قادرين نشوفها أو نفهمها. بعد ما تخطينا ده كلنا ابني كان دايما يقولي "الحب أكبر من خطايانا"، كان شايف إن حبنا لبعض هو اللي خلانا متماسكين رغم كل اللي حصل، وأنا مصدقة في ده جدًا، محبتي لابني كانت أكبر بكتير من أي مشاكل أو اختلافات. الله لعب دور كبير في حياتي وحياة أسرتي في الوقت ده ولحد النهارده، محبة الله لينا اللي شوفناها واختبرناها في مشاكلنا كانت سبب كبير في إننا نعرف نحب بعض ونفهم بعض وحتى نسامح بعض. الله ساعدني إني أقدر أقبل ابني زي ما هو، ساعدني أعرف إنها مش غلطته. مش سهل إنك تقبل ابنك لو عرفت إنه مثلي الجنس.. بس هيكون سهل دايماً إنك تحبه.

كنت زعلانة من جوزي وكنت بالومه وكأنه السبب، زي ما كنت فاهمة الأول. باباه حنيّن جداً وعطوف جدًا، أنا كنت بالومه على حاجة مش فيه، لأن الدكتور فهّمني إن كون ابني مثلي ده نتيجة قسوة من الأب وقريت إن الأب السبب، ماكنش فيه مشاكل خالص قبلها بيني وبين جوزي، بس بدأ يبقى فيه مشاكل ما بيننا، بس هو في الحقيقة حد متسامح وحنين جداً؛ دي أكتر حاجة كانت حزينة ليَّ فوق حزن وألم ابني.

مش سهل إني أشارك حد من زمايلي في الشغل حاجة زي دي، فيه ناس كتير مش فاهمة ده، لأن وسائل الإعلام قعدت فترة طويلة تتكلم عنه؛ لما كان يتفتح الموضوع قدامي في الشغل، كنت باتكلم في إن لو حد عنده شخص زي كده لازم يتقبله ويدعمه ويحبه. بس بالنسبة لأهلي واخواتي أخويا يعرف وتقبّل، وأختي اللي برة مصر كانت متفهمة الموضوع وعارفاه.

كنت باخاف عليه من المجتمع الغريب والمجهول ده، كنت باقلق عليه لما أعرف أنه بيعرف شباب جديدة وبيخرج معاهم... بس لما كنت باشوف صحابه وباعرف عن مشاكلهم وعلاقتهم مع أهلهم كانوا بيصعبوا عليَّ أوي، وكنت باكون عايزة أحضنهم وأطبطب عليهم، وكأني باعتذر بالنيابة عن أهلهم. في يوم من الأيام كنت مكان الأهل دول وماكنتش فاهمة، والرفض والجهل عامل حاجز ما بيني وما بين ابني، وإني أقدر أفهمه وأقدّر مشاعره. لكن دلوقتي أنا فاهمة شعور الأهل، وبردو فاهمة شعور أي حد مكان ابني...

التجربة دي كان ليها إيجابيات في حياتي، في إن علاقتي بابني المثلي وأولادي الاتنين التانيين وحتى زوجي بقت أعمق بكتير مما كانت عليه، كلنا اتألمنا والألم غيّرنا كلنا. مش بس علاقتي بأسرتي، إنما كمان علاقتي الروحية مع الله أصبحت أعمق وأنضح، أنا اختبرت يد الله في حياتي بوضوح في الأزمة دي.

في النهاية لو هاقول حاجة للناس هي إنكم تحطوا أولادكم وأصحابكم واخواتكم وحبايبكم دايمًا في الأول، قبل أي حاجة أو أي حد. اسمعوهم وافهموهم، إدوهم الفرصة يظهروا ليكم الجانب اللي مخبّيينه عنكم. صدقوني هتندهشوا.. ساعتها هتقدروا تشوفوا جمالهم وحلاوتهم وتميُّزهم في وسط كل الكلكعة والخلافات. افتكري وافتكر إنك تقدري وتقدر تحب ابنك أو بنتك مهما حصل ومهما كان مختلف عنك، محبتكم ليهم هي أكتر حاجة هتحميهم فعلاً وتحافظ عليهم.


قصص أكتر

Mesahat Foundation