زياد

zeyad.png

الخلفية الدينية اللي عندي كانت محجماني، طبعاً كانت قيد بالنسبالي؛ هو صاحبي بردو وكل حاجة، بس أنا دي حاجة مش عارف أتعامل معاها. بس من الناحية التانية كان عندي حتة إني عايز أفهم أكتر، عايز أعرف أكتر، كنت متناقض شوية في الفتره دي. كنت من الناس اللي بتدّي نصايح زي إنك ممكن تروح تشوف دكتور نفسي أو حاجة زي كده، ونبتدي نعالج الموضوع ده؛ كنت باتعامل معاه إنه مرض.

أول تجربة احتكاك ليَّ لحد من مجتمع الميم كانت مع صاحب ليَّ في المدرسة، كنا بنذاكر مع بعض على طول وساعتها أنا كنت متدين شوية، بشكل طفيف، وهو كان بالنسبالي الشخص اللي عنده أفكار ثورية كتيرة ومختلف عن الناس اللي أعرفها يعني. ابتدينا نتعرف على بعض أكتر وبقينا أصدقاء مقرّبين. ابتدا يقوللي بإنه سألني "لو عرفت إن أنا مثلي هتتصرف إزاي؟" وأنا بصراحة ساعتها مكنتش مستغرب أوي لأني معنديش أي معرفة بالموضوع، بس لما قاللي ابتديت أتعامل مع الموضوع بإني أقرا عنه. مع الوقت علاقة الصداقة مكنتش بتضعف، بل بالعكس كانت بتقوى.

وقت ما بعد الثورة ابتديت أتعرف وأنزل وأقابل ناس كتير، في نفس الوقت اللي هو كان بيبني دواير آمنة ليه. بنيت معرفتي عن التعدديات الجنسية والجندرية عن طريق أسئلة باسألهاله، وبتتحول لمناقشة، وبارجع البيت أقعد أدوّر أكتر عشان أفهم أكتر. شوية شوية لما ابتديت أتحرر من التفكير الديني، ابتديت أفهم أو أشوف الموضوع بشكل مختلف... ساعتها التفكير القديم كان يُعتبر اتهدم، أو ابتديت أبنيه من جديد.

بدأت أشتغل مع مجتمع الميم عن طريق صديق كوير بردو،بدأت أشتغل مع مجتمع الميم عن طريق صديق كوير بردو، أنا وهو صحاب جداً. كنت باورّيله شغلي والحاجات اللي باعملها، ففي مرة جه قاللي إن فيه ناس هو شغال معاهم وعايزنّي في شغل معاهم، وقابلتهم عن طريقه، وبعدين جالي شغل من طرف تاني بردو. الصراحة يعني هي كانت مرعبة شوية في الأول، من ناحية إنك عارف إنك مُعرَّض إنك بتعمل حاجة لو حد شافها هتتعرّض لكلام كتير. أنا بطبعي شخص حريص شوية، أنا لو ماشي مثلاً معايا الابتوب وكمين وقّفني بابقي عامل حسابي، وباخبّي فايلات الشغل... حصلت مرة وكانت مرعبة، كان فيه شات بيني وبين حد كده، وكان فيه كمين ففكرت إنه ممكن يوقفني وينزّلني ويفتش الموبايل،  فعملت أول حاجة جت في بالي إني مسحت الواتساب، وكنت بالصدفة في الوقت ده قافل كل أكونتاتي... وخبّط فعلاً على الإزاز وفتش الموبايل وماحصلش حاجة، استغرب بس إني معنديش سوشيال ميديا وكده.

شغلي مع مجتمع الميم معظمه كان تصميمات جرافيك... غير ده، اللي باقوم بيه هو دعم لأصحاب أو تقديم بيت ليهم في أوقات الحاجة أو نصايح من تجارب ناس تانية لناس جديدة معندهاش معرفة.

الموضوع عامل زي حد بيشجع فريق معيّن والناس التانية اللي بعيدة خالص عن ده معندهاش نفس اللغة أو ردود الفعل تجاه الفريق ده، فكل فريق بيفهم لغته بس. فيه طبقات كده بتكون موجودة بين الناس اللي في مجتمعات معينة وبراها، فيه طبقات في النص تقدر تلمِّس في الحتتين مع الناس اللي معندهاس استعداد أو قابلية للاستيعاب، أو الناس اللي منتمين كده كده للمجتمع الكويري .. التحدي بالنسبالي إنك تقدر توصّل حاجة لو جت مع حد مش في المجتمع الكويري يقدر يفهمها للآخر، ولو فيها جزء معاناة يقدر يحس بيها من غير ما يواجهه.. إنك تقدر تخلق لغة تقدر تتكلم بيها مع الناس اللي ممكن تتقبل بيها أفكار جديدة، بس معندهاش لغة مناسبة.. إنك تقدر تخلق حاجة مرئيّة اللي بيقراها أو يشوفها يحس بحاجة تجاهها، أو تكون بالنسباله واضحة.

فيه حاجات مش بإيدي إني أتحكّم فيها، بس فيه مواقف لما تحصل انت بتحاول تتصرّف بشكل معيّن، بحيث إنك تسيب أثر يخلّي الشخص ده يغيّر طريقة تفكيره شوية، ويشوف الحاجات بشكل مختلف. بالتالي فيه حاجة معيّنة أنا عايز أوصلَّها، والمفروض أمشي خطوات معينة عشان أوصلّها، وأنا عندي الحد الأدنى من الأدوات اللي اقدر أعمل بيه حاجة زي كده... هو ده معنى كلمة تحدّي بالنسبالي.

من احتكاكي بمجتمع الميم طلعت بحاجات إيجابية زي العلاقات، وزي طريقة تفكيرك إزاي بتتغير في كل فترة في حياتك وإنك تكون مدرك إن الأفكار اللي عندك دلوقتي متغيرة مع الوقت، وتفكيرك يبقى مَرِن، وإن الأحداث مش شرط تمشي حسب الخطة اللي انت عايزها. انت عندك الفكرة إن فيه حاجات بتحصل وحاجات بتتغيّر، وده بيخلّيك شخص جديد أو مختلف.

المفروض إن الناس يبتدي يبقي عندها إنها تسمع وتشوف ومتستعجلش على الحكم النهائي، أو متستعجلش على القوالب اللي بنعملها لكل حاجة بحكم الدين أو إننا اتعودنا عليها أو أياً كان؛ إنهم يكون عندهم مساحة يسمعوا ويفهموا أكتر، ويحكموا في الآخر. مش شرط أي حاجة غلط ليك أو لعقيدتك أو مبادئك تبقى بتعود بالضرر عليك، مفيش مبدأ ثابت للصح والغلط؛ لازم تفهم إن المناسب للأشخاص مختلف من شخص للآخر، وإن المفروض أحترم فكرة اختلاف الاختيارات.


قصص أكتر

Mesahat Foundation