آرام يكتب: الوصايا الخمسة


وجودُك كشخصٍ مختلفٍ في منطقة شمال أفريقيا والشّرق الأوسط، وفي منطقةٍ كمصر تحديدًا، هو في حدّ ذاته أزمة، فلا يمكنك أن تعيش إلا إذا كنت ممتثلًا للثّالوث المقدّس «رجل، مسلم، غيريّ»، وما خلا عن ذلك ففيهِ نظرٌ، وأمرُه متروكٌ لمدى سوء حظّه وفي أيّ رُقعةٍ من الهرم هو موجودٌ.

ووجودُك كشخصٍ مختلف الهويّة الجندريّة أو الجنسيّة ومسلم، يضعك في صندوقٍ أسودَ على هامش الهرم. ففي نظر المجتمع، لا أنت مسلمٌ كفاية، ولا رجلٌ كفاية. ويختلف الأمر، في حال كان الشّخص امرأة، ليصبح أسوأ.

يواجهُ الأشخاص المسلمون أصحاب الهويّات والتّوجُّهات المختلفة أزمةً عصيبةً تبدأ مع شعورهم بذلك الاختلاف، فمن جهةٍ هناك ما تربّوا عليه ومن جهةٍ أخرى هناك ما يشعرُون به، وما يريدُونه مشكلةٌ أخرى؛ ولا تتوقفُ الأزمة عند تقبُّلهم لذواتهم، فكما قلت، المجتمع لا يرحمُ أحدًا.

لا يمكن للإنسان أن يعيش منفردًا، ومن الصّعب أن تغيّرَ مجتمعًا كاملًا يتغذّى على الكراهية ليلَ نهار. لذا، إذا كنت مسلم/ة كويريّ/ة فإليكم/ن بعض النّصائح الّتي ربما تجعل تواصلكم/ن مع المجتمع أقلّ ضررًا.

لا تنشغل بالطّريق، طالما أنّ الله هو الوجهة فستَصل. 

إنّ أفضل طريقةٍ تتواصل بها مع الله هي الطّريقة التي تشعرُك أنّك قريبٌ منه. 

قال النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم): «اكْلَفُوا مِنَ الْأعَمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا». فلا تدَع أحدًا يملي عليكَ ما يجبُ أن تفعلَه للتّقرُّب إلى الله؛ إنّ من يقبلُكَ خطّاءً لن يردّك مُحِبًّا.-

لا تنظري إلى نفسكِ بعيون الآخرين. 

لا تدَعي مشاعر الآخرين ونظرتهم لاختلافكِ تتحكّم في مشاعركِ تجاه نفسكِ، لأنّ من ينظرُ إلى غيرِه يرى ما يودُّ أن يراه، والذي لا يكونُ حقيقيًّا في غالب الأحوال. 

أغمضي عينيكِ دائمًا وانظري بعين الله الّذي لا يلتفت إلّا لقلبكِ. إذا كنتِ تؤمنين أنّ الله يحبُّكِ، فاعلمي أنّ حبَّه ليس مشروطًا، وكذلك يجب أن يكون حبّكِ لنفسكِ.

لا تدع أحدًا يخبركَ كيف تكونُ فخورًا بنفسك. 

شعورُك بالفخر بهويّتك الدّينيّة أو الجنسيّة هو شعورٌ يخصُّك، لستَ مضطرًا إلى إثباتِه لأحدٍ، ولست مضّطرًا إلى تبريرِه كذلك؛ يكفي أن تشعرَ بالفخر لما أنتَ عليه. 

إذا كنتَ وحيدًا، لا تصارعِ العالم. 

لا ضيرَ من الهرب أحيانًا؛ تذكّر أنّنا جميعًا بشرٌ، نحتاج أن نتنفّس وأن نحميَ أنفُسنا، وأنّ مواجهةَ العالم ليست مسؤوليّةً نحن مجبرُون على تحمُّلها. يكفي أن تواجهَ نفسكَ، ويكفي أيضًا أن تحبَّ نفسك؛ لا تحمل ثقلَ العالم فوق كَتِفَيك.

إذا لم تكوني بخيرٍ، اطلبي المساعدة. 

ليس شيئًا يدعو للخجل أن يتملّككِ الضّعفُ أحيانًا، نحن جميعًا نعيشُ داخلَ مجتمعٍ يُوصِل المرء لحافّة الانهيار؛ لذا ابحثي دومًا عن وسطٍ تستطيعين التّنفُّسَ فيه ببساطةٍ دون تبريرٍ، وتستطيعين فيه قول «أنا بحاجةٍ للمساعدة».


وأخيرًا، لا تدَعُوا شيئًا يشعرَكم أنّ هويّاتِكم شيءٌ خاطئٌ، أو يجبُ أن تخجلوا منه، ولا تدَعُوا أحدًا يخبرَكم بما يجبُ أن تؤمنُوا به؛ يمكنكَ أن تكون مُسلمًا ومثليًّا، كما يمكنكِ أن تكوني مسلِمةً وترانس. لا تَعارُضَ بين الهويّة الدّينيّة والهويّة الجنسيّة والجندريّة، وإن كان هناك من يقولُ لكم أنّ هناك تعارضَ، ادعُوهُ أن يتواصل مع الله في هذا الشّأن.


اقرأ أكثر:

Mesahat Foundation